كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وخرج الشيبانيّ من حديث شعبة، عن نبيح العنزي، عن عبد الله بن قدامة ابن عنزة، عن أبي برزة الأسلمي قال: أغلظ رجل الصديق فقلت: أقتله، فانتهرني وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ومن حديث يزيد بن زريع، حدثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مطرف بن الشخير، عن أبي برزة الأسلمي أنه قال: كنت عند أبى بكر- رضي الله تبارك وتعالى عنه- فتغيظ على رجل فاشتد عليه، فقلت تأذن لي يا خليفة رسول صلّى الله عليه وسلّم أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام فدخل فأرسل إليّ فقال: ما الّذي قلت آنفا؟ قلت: ائذن لي اضرب عنقه، قال: أكنت فاعلا لو أمرتك؟ قلت: نعم، قال: لا والله، ما كانت لبشر بعد محمد صلّى الله عليه وسلّم وله عنده طرفا أخر.
وقال محمد بن سهل: سمعت عليّ بن المديني يقول: دخلت على أمير المؤمنين فقال لي: أتعرف حديثا مسندا فيمن سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم فيقتل؟ قلت: نعم، فذكرت له حديث عبد الدار، عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن عروة بن محمد، عن رجل ممن لقيني قال: كان رجل يشتم النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم من يلقني عدوا لي فقال خالد بن الوليد: أنا، فبعثه إليه فقتله فقال أمير المؤمنين ليس هذا بسند، أهو عن رجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين بهذا تعرف هذا الرجل، وقد بايع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو معروف، فأمر لي بألف دينار، قال ابن حزم: هذا صحيح يدين به من كفر من سب الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: كل كفر شرك، وكل شرك كفر وهما اسمان شرعيان أوقعهما الله تعالى على معنى واحد، ونقلهما عن موضوعهما في اللغة إلى كل من أنكر شيئا من دين الإسلام يكون بإنكاره معاندا للرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد بلوغ النذارة.
وقال الشيخ تقى الدين أبو الفتح السبكى وإيذاؤه صلّى الله عليه وسلّم موجب القتل بدليل الحديث، فذكره، ثم قال: وهو حديث صحيح ولكن الأذى على قسمين:
أحدهما: يكون فاعله قاصدا لأذى النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا شك أن هذا يقتضي القتل وهذا كأذى عبد الله بن أبيّ في قصة الافك، فالإجماع منعقد على أنه كفر، فلذلك يستحق القتل، ولكن الحق للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فله تركه.
والآخر: لا يكون فاعله قاصدا لأذى النبي صلّى الله عليه وسلّم، مثل كلام مسطح، وحمنة في الافك، فهذا لا يقتضي قتل، قال: ومن الدليل على أن الأذى لابد أن يكون مقصودا، قوله تعالى: {إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [33: 53] وهذه الآية نزلت في ناس صالحين من الصحابة فلم يقتض ذلك الأذى كفر، وكل معصية فاعلها مؤذ ومع ذلك فليس بكفر فالتفصيل في الأذى الّذي ذكرناه يتعين.
قال:
الاستهزاء به صلّى الله عليه وسلّم كفرا، قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} [9: 65- 66].
قال أبو عبيد القاسم بن سلام:
فمن حفظ سطر بيت مما هجى به النبي صلّى الله عليه وسلّم فهو كفر وقد ذكر بعض من السلف في الإجماع، إجماع المسلمين على تحريم رواية ما هجى به النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا يوجب القتل دون عدة من الناس، وكذلك إذا كان مقصودا سواء كان الأذى حقيقيا أو غير حقيقي ولا شيء من قصد أو أذى النبي صلّى الله عليه وسلّم محتمل، بل كله كفر موجب للقتل، للحديث الّذي قال: من يكفي عدوى؟ فانتدب له خالد- رضي الله تبارك وتعالى عنه- والأشهر أنه كفر للآية الكريمة، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: من سبّ نبيا فاقتلوه، وإن يتب فهو عمدة في أن قتله جدا لا يسقط بالتوبة، كما يقوله المالكي، لكن هذا الحديث لا نعلمه إلا بالإسناد المذكور، يعنى من طريق ذكرها القاضي عياض، عن الدارقطني، فذكره عن عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة، حدثنا عبد الله بن موسى ابن جعفر، عن على بن موسى، عن أبيه، عن جده محمد بن على بن الحسين عن أبيه، عن الحسين بن على، عن أبيه قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من سب نبيا فاقتلوه ومن سب أصحابه فاضربوه، قال فلم يظهر لنا من حاله شيء فلا يصح الاحتجاج بعمومه، وجعل مناط القتل من غير توبة ولا استتابة، وإن تاب هذا إنما يصحّ لو صحّ الحديث وذلك الوقت يحتمل أن يقال: إنه مشروط معدوم التوبة، وإذا لم يصح فالقول بعدم التوبة لا ينتهى الكلام فيه، فإن الجانبين خطران.
قال المؤلف: وقد رأيت أن أورد ما للفقهاء والمالكية في هذه المسألة، وأحكى كلام القاضي الفقيه أبى الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رحمه الله في كتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) صلّى الله عليه وسلّم قال القاضي عياض:
وقد تقدم من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ما يجب من الحقوق للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وما يتعين له من بر وتوقير وتعظيم وإكرام وبحسب هذا حرم الله تعالى أذاه في كتابه وأجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله في الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذابًا مُهِينًا} [33: 57] وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} [9: 61] وقال تبارك وتعالى: {وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ الله وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ من بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ الله عَظِيمًا} [33: 53] وقال جل وعلا في تحريم التعريض له: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا} [2: 104] الآية وذلك أن اليهود كانوا يقولون: راعنا يا محمد أي ارعنا سمعك واسمع منا ويعرضون بالكلمة يريدون الرعونة، فنهى الله تعالى المؤمنين عن التشبه بهم، وقطع الذريعة بنهي المؤمنين عنها لئلا يتوصل بها الكافر والمنافق إلى شبه الاستهزاء به وقيل: بل لما فيها من مشاركة اللفظ لأنها عند اليهود بمعنى اسمع لا سمعت، وقيل: بل لما فيها من قلة الأدب وعدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لأنه في لغة الأنصار بمعني ارعنا نرعك، فنهوا عن ذلك مضمنه إذ أنهم لا يرعونه إلا برعايته لهم وهو صلّى الله عليه وسلّم واجب الرعاية بكل حال، وهذا هو قول صلّى الله عليه وسلّم قد أنهى عن التكني بكنيته فقال: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، صيانة لنفسه وحماية عن أذاه إذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم استجاب لرجل نادى: يا أبا القاسم، فقال لم أعنك إنما دعوت هذا فنهى صلّى الله عليه وسلّم حينئذ عن التكني بكنيته لئلا يتأذى بإجابة دعوة غيره ممن لم يدعه، ويجد بذلك المنافقون والمستهزءون ذريعة إلى أذاه والإزراء به فينادونه، فإذا التفت قالوا: إنما أردنا هذا لسواه، تعنيتا له واستخفافا بحقه على عادة المجان والمستهزءين، فحمى صلّى الله عليه وسلّم حمى أذاه بكل وجه فحمل محققو العلماء نهية عن هذا على مدة حياته وأجازوه بعد وفاته، لارتفاع العلة قال: وقد روى أنس ما يدل على كراهة التسمي باسمه وتنزيهه عن ذلك إذا لم يوقر فقال: يسمون أولادكم محمدا ثم تلعنوهم!! وروى أن عمر كتب إلى أهل الكوفة: لا يسمى أحد باسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم حكاه أبو جعفر الطبري.
وحكى محمد بن سعد أن عمر نظر إلى رجل اسمه محمد ورجل يسبه ويقول: فعل الله بك يا محمد وصنع، فقال عمر لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب: آلا أرى محمدا صلّى الله عليه وسلّم يسب بك والله لا تدعى محمدا ما دمت حيا وسماه عبد الرحمن، وأراد أن يمنع لهذا أن يسمى أحد بأسماء الأنبياء، إكراما بذلك وغير أسماءهم، وقال لا تسموا بأسماء الأنبياء، ثم أمسك، قال والصواب جواز هذا كله بعده صلّى الله عليه وسلّم بدليل إطباق الصحابة على ذلك وقد سمى جماعة منهم ابنه محمدا وكناه بأبي القاسم.
قال: اعلم أن جميع من سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض أو شبّهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير بشأنه أو الغض منه، والعيب له، فهو ساب له والحكم فيه حكم الساب يقتل ولا يستثنى فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد ولا يمترى فيه تصريحا كان أو تلويحا، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور أو غيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه أو غمصة ببعض العوارض البشرية الجائزة المعهودة لديه، وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة عنهم إلى هلم جرّا.
قال أبو بكر بن المنذر: أجمع عوام أهل العلم أن من سب النبي صلّى الله عليه وسلّم يقتل وممن قال ذلك مالك بن أنس والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعيّ رحمة الله تبارك وتعالى عليهم، قال القاضي: هو مقتضى قول أبي بكر الصديق ولا تقبل توبته عند هؤلاء وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي في المسلمين لكنهم قالوا: هي ردة وروى مثله الوليد بن مسلم عن وحكى الطبري مثله عن أبى حنيفة وأصحابه فيمن ينقصه صلّى الله عليه وسلّم أو بريء منه أو كذبة.
قال سحنون فيمن سبه: ذلك ردة كالزندقة ولعل هذا أوقع الخلاف في استتابته وتكفيره وهل قتله حد أو كفر لا يعلم خلافا في استباحة دمه بين علماء الأمصار وسلف الأمة وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره وأشار بعض الظاهرية وهو أبو محمد على بن أحمد الفارسيّ إلى الخلاف في تكفير المستخف به والمعروف ما قدمناه.
قال محمد بن سحنون: أجمع العلماء أن شاتم النبي صلّى الله عليه وسلّم المنتفص له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله تعالى له، وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر.
احتج إبراهيم بن حسين بن خالد الفقيه في مثل هذا بقتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة لقوله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: صاحبكم.
قال أبو سليمان الخطابي: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في قتله إذا كان مسلما.
قال ابن القاسم عن مالك في (كتاب ابن سحنون) و(المبسوط) و(العتبية): وحكاه مطرف عن مالك في (كتاب ابن حبيب) من سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم من المسلمين قتل ولم يستتب قال أبو القاسم في (العتبية): من سبه أو شتمه أو عابه أو تنقصه، فإنه يقتل وحكمة عند الأمة القتل كالزنديق، وقد فرض الله تعالى توقيره وبره صلّى الله عليه وسلّم.
وفي (المبسوط) عن عثمان بن كنانة: من شتم النبي صلّى الله عليه وسلّم من المسلمين قتل أو صلب حيا ولم يستتب، والإمام مخير في صلبه حيا أو قتله.
ومن رواية أبي المصعب وابن أبى أويس، سمعنا مالكا يقول: من سب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل، مسلما كان أو كافرا، ولا يستتاب. وفي (كتاب محمد): أخبرنا أصحاب مالك أنه قال: من سبّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أو غيره من البشر من مسلم أو كافرا قتل ولم يستتب.
وقال أصبغ: قتل على كل حال، أسر ذلك أو أظهره، ولا يستتاب، لأن توبته لا تعرف. وقال عبد الله بن الحكم: من سب النبي صلّى الله عليه وسلّم من مسلم أو كافرا قتل ولم يستتب. وحكى الطبري مثله عن مالك.
وقال بعض علمائنا: أجمع العلماء على أن من دعي على نبي من الأنبياء بالويل أو بشيء من المكروه أنه يقتل بلا استتابة. وأفتى أبو الحسن القابسي فيمن قال في النبي صلّى الله عليه وسلّم الحمال يتيم أبى طالب، بالقتل. وأفتى أبو محمد بن أبى زيد بقتل رجل سمع قوما يبكون يتذاكرون صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم، إذ مرّ بهم رجل قبيح الوجه واللحية فقال لهم: تريدون تعرفون صفته؟ هي صفة هذا الماشي في خلقة ولحيته! قال: ولا تقبل توبته. وقد كذب لعنه الله، وليس يخرج هذا من قلب سليم الإيمان.
قال أحمد بن أبى سليمان صاحب سحنون: من قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان أسود يقتل. وقال في رجل قيل له: لا وحقّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: فعل الله برسول الله كذا وذكر كلاما قبيحا فقيل له: ما تقول يا عدو الله؟ فقال: أشد من كلامه الأول، ثم قال: إنما أردت برسول الله العقرب، فقال ابن أبى سليمان للذي سأله: أشهد عليه، وأنا شريكك، يريد في قتله وثواب ذلك.
قال حبيب بن الربيع: لأن إعادة التأويل في لفظ صراح لا يقبل، لأنه امتهان وهو غير معزر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا موقر له فوجب إباحة دمه.
وأفتى أبو عبد الله بن عتاب في عشّار قال لرجل: أدّ واشتك إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: إن سألت أو جهلت فقد جهل، وسأل النبي بالقتل.
وأفتى فقهاء الأندلس بقتل ابن حاتم المتفقي الطليطلي وصلبه بما شهد عليه به من استخفافه بحق النبي صلّى الله عليه وسلم وتسميته إياه أثناء مناظرته باليتيم، وختن حيدرة، وزعمه أن زهده لم يكن قصدا، ولو قدر على الطيبات أكلها، إلى أشباه لهذا، وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل إبراهيم الفزاري، وكان شاعرا متفننا في كثير من العلوم وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبى العباس ابن أبى طالب للمناظرة، فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب في الاستهزاء باللَّه وأنبيائه ونبينا صلّى الله عليه وسلّم فأحضر له القاضي يحيى بن عمر وغيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه فطعن بالسكين وصلب منكسا ثم أنزل وأحرق بالنار.
حكى بعض المؤرخين: أنه لما رفعت خشبته وزالت عنها الأيدي استدارت وحولته عن القبلة فكان آية للجميع، وكبرّ الناس، وجاء كلب فولغ في دمه، فقال يحيى بن عمر: صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وذكر حديثا عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: لا يلغ الكلب في دم مسلم. وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط: من قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم هزم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل لأنه ينتقصه. إذ لا يجوز ذلك عليه في خاصته صلّى الله عليه وسلّم إذ هو على بصيرة من أمره، ويعلن عن عصمته.
وقال حبيب بن ربيع القروي: مذهب مالك وأصحابه: أن من قال فيه صلّى الله عليه وسلّم ما فيه نقص قتل دون استتابة، وقال ابن عتاب: الكتاب والسنة موجبان أن من قصد النبي صلّى الله عليه وسلّم بأذى أو نقص معرضا أو مصرحا وإن قلّ فقتله واجب.
فهذا الباب كله مما عده العلماء سبا وتنقصا يجب قتل قائله، لم يختلفوا في ذلك، متقدمهم ولا متأخرهم، وإن اختلفوا في حكم قتله، وكذلك أقول:
حكم من غمصه أو غيره برعاية الغنم، أو السهو، أو النسيان، أو السحر، أو ما أصابه من جرح، أو هزيمة لبعض جيوشه، أو أذى من عدوه، أو شدة من زمنة أو بالميل إلى نسائه، فحكم هذا كله بمن قصد به نقصه، القتل.